الدرس الخامس قصيدة الكَرَوان (عباس محمود العقاد)
اسم الشاعر وحياته: عباس محمود العقاد: ولد في أسوان بصعيد مصر سنة 1889م، وهو ذو مواهب وملكات كثيرة كان كاتبا، وشاعرا، وناقدا، ومؤرخا، ولغويا، وسياسيا، وصحفيا، على الرغم من أنه لم يتم إلا المرحلة الابتدائية في دراسته، ونال منزلة عالية في النهضة الأدبية الحديثة بمواهبه، وهمَّته، ودأبه المتواصل، لا بأسرته وماله. وظائفه: عمل في وظائف حكومية، وفي التدريس، والصحافة الأدبيّة، ثمّ ترفع عن كلِّ هذه الوظائف خوفا من أن تنازِعَهُ عشقه للمعرفة، فتفرغ للثقافة والتأليف، وكان يعقد صالونات أدبية كل يوم جمعة حتى وفاتهس1964.أشهر مؤلفاته: نظم شعرا في أغراض الشعر كلها، وكان مجدداً في شعره، بايعه طه حسين بإمارة الشعر بعد وفاة أحمد شوقي، وقد جاء شعره في عشرين ديوانا منها: "يقظة الصباح"،و "عابر سبيل"، و " هدية الكروان". مناسبة القصيدة: يُظْهر العقاد في ديوانه" هدية الكروان" فلسفته في الشعر من خلال رؤيته لطائر الكروان في حياته وألحانه، فهو طائر يعيش في أطراف الصحراء، فأحبه العقاد وأحب ألحانه، وكان قد نظم فيه قصيدة أول الأمر ثم عاد بعد مدة يستمع إليه، فأثار أشجانه، ورأى أنه بعكس ما يعتقد الناس من تكرار هتافه، فإنه يجدّدُ معانيه، بناء على تلك الرؤية نظم العقاد عددا من القصائد حاكى فيها طائر الكروان ووضعها في الديوان، أهداه له وسماه"هدية الكروان" .
الفكرة الأولى: نفي الشاعر ما بزعمه الناس أن طائر الكروان يكرر ألحانه. "الأبيات 1- 4"
1-- زعموك غيْرَ مُجدِّد الألحانِ ظَلموكَ ، بل جَهِلوكَ ، يا كرواني
معاني الكلمات: زعم :ظنّ * الألحان: التغريد
شرح البيت: ينفي الشاعر ما بزعمه الناس بحق طائر الكروان، بأنه يكرر ألحانه ولغته ومعانيه، ويعزي ذلك بأن
الناس جهلوا قيمة ذلك الطائر وظلموه بذلك الإدعاء.
الصورة الفنية : صور الشاعر طائر الكروان بصورة إنسان يخاطبه. استخدم الشاعر أسلوب الخطاب في قوله" زعموك، ظلموك" للتحبب وبيان القرب بينه وبين طائر الكروان. استخدم أسلوب النداء في قوله:" يا كرواني" للتحبّب، وإنزال البعيد منزلة القريب.الفعل زعم من الأفعال التي تنصب مفعولين " الكاف، الضمير المتصل مفعول به أول، غير مفعول به ثانٍ.*********************************
2- قَدْ غَيَّرتْكَ وما تُغيِّرُ شاعراً عِشرونَ عاماً في طِرازِ بَيانِ
معاني المفردات: طراز: نمط * بيان: بلاغة وفصاحة.
شرح البيت: الأيام استطاعت أن تؤثر على طائر الكروان عشرون عاما ‘ فأصبح يجدد معانيه باستمرار ، ولكن هذه السنين لم تغير في نمط الشعراء التقليدين الذين لا يغيرهم الزمان.
* قد حرف تحقيق لأنه دخل على فعل ماضٍ " غيَّرَ". *********************************
3- أسمعْتَني بالأمسِ ما لا عَهْدَ لي بسمَاعِهِ في غابر الألحانِ
معاني المفردات: ما لا عهد لي: لم أسمعه من قبل * غابر: قديم * الأمس: أي يوم من الأيام الماضية
شرح البيت: يؤكد الشاعر أن الكروان يجدد ألحانه والدليل أن ما سمعه منه بالأمس من ألحان ومعانٍ جميلة،
لم يسمعه من سنوات كثيرة .
*ما: اسم موصول بمعنى الذي * لا النافية للجنس تعمل عمل "إن"* استخدم الشاعر أسلوب الخطاب" أسمعتني": للتحبب وبيان القرب بينه وبين طائر الكروان.*********************************
4- ورَوَيْتَ لي بالأمس ما لم ترْوِهِ مِنْ نَعْمةٍ وَفَصاحةٍ ومعانِ
معاني المفردات: نغمة: موسيقى * فصاحة: بلاغة *معان: مضمون. * ما: اسم موصول بمعنى الذي.
شرح البيت: يؤكد الشاعر بأن طير الكروان مجدد في ألحانه ومعانيه ، وهي ليست نفس الألحان التي كان يسمعها
في الأيام الماضية .
* يُظهر الشاعر فلسفته في الشعر من خلال طير الكروان، فيشير إلى تجديده في موسيقى الشعر وألفاظه ومعانيه. * نوع الواو في " نغمة ومعان" حرف عطف، يفيد الجمع والمشاركة.، * من: حرف جر يفيد بيان النوع *معان: اسم معطوف مجرور وعلامة جره الكسرة المقدرة على الياء المحذوفة ،حذفت النون لأنها اسم مقصور مجرور* استخدم الشاعر أسلوب المتكلم" لي" لتأكيد الذات ، وتثبيت التمازج مع المخاطب" طائر الكروان".
الفكرة الثانية: تمازج الشاعر مع طائر الكروان. " الأبيات 5- 8 "
5- أنا في لِسانِكَ حيثُ أَطْلَقَهُ الهَوى مَرَحاً ، وإنْ غَلَبَ السُّرورُ لساني
شرح البيت: يتحد الشاعر مع طائر الكروان، ويشاركه ألحانه، وموسيقاه، ومعانيه، ويقوله بأنه أصبح لسان ذلك الطائر الذي يصيح بمعاني المرح والسرور.
* استخدم الشاعر أسلوب المتكلم" أنا" لتأكيد الذات ، وتثبيت التمازج مع المخاطب" طائر الكروان". * استخدم الشاعر أسلوب الخطاب" لسانك": للتحبب وبيان القرب بينه وبين طائر الكروان* الصورة الفنية: صور الشاعر معانيه وألفاظه التجديدية بصورة ألحان الطائر المتجددة باستمرار التي تسبب الفرح .*الهوى: فاعل مرفوع وعلامة رقعه الضمة المقدرة منع من ظهورها التعذر.* نوع الواو في قول الشاعر:" وإن غلب" واو الحال *********************************
6- أنا في ضَميرِكَ حيثُ باحَ فما أرى سِرّاً يُغيِّبهُ ضَميرُ زَمان
شرح البيت: يقول الشاعر بأنه أصبح في ضمير ذلك الطائر يبوح كلّ منهما للآخر بكلِّ سرٍّ ستره الزمان.
* استخدم الشاعر أسلوب الخطاب" ضميرك": للتحبب وبيان القرب بينه وبين طائر الكروان* ما : حرف نفي * ضمير: فاعل مرفوع وعلامة رقعه الضمة الظاهرة .*********************************
7- أنا منك في القلب الصَّغير مُساجلُ خَفَقَ الرَّبيعُ بذلك الخفقان *معاني المفردات: مساجل: مفاخر، مبار * خفق: نبض، دقّ
شرح البيت: يقول الشاعر، بأنه أصبح قلب الطائر الصغير الذي يشاركه في الخفقان والتعبير عن جمال الربيع.
*الصورة الفنية: شبه الربيع بصورة إنسان له قلب يخفق إعجاب بجمال الطبيعة، وحذف المشبه به " الإنسان" وذكر شيئا من لوازمه " خفق" على سبيل الاستعارة المكنية. * استخدم الشاعر أسلوب الحوار مع الطائر" أنا منك في القلب الصَّغير" بهدف التقرب منه، وبث ما في نفسه إليه. * في حرف جر يفيد الظرفية المكانية * الخفقان: مصدر صريح .*إن: حرف شرط جازم *********************************
8- أنا مِنْكَ في العينِ التي تَهَبُ الكَرى وتَضِنُّ بالصَّحواتِ والأشجانِ * معاني المفردات: تهب: تمنح * الكرى: النعاس * تَضِنُّ: تبخل * الأشجان: الأحزان * الصحوات:اليقظة
شرح البيت: يناجي الشاعر طائر الكروان، فهو عينه التي تمنح النعاس، وتبخل عليه بالأحزان.
* الصورة الفنية: استعارة مكنية، صوّر الشاعر العين بصورة " الكائن الحي" فحذف المشبه به" الكائن الحي" وذكر شيئاً من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية. * استخدم الشاعر أسلوب الحوار مع الطائر" أنا منك في العين" بهدف التقرب منه، وبث ما في نفسه إليه. * استخدم الطباق في :" تهب ، وتَضِنُّ" بهدف إظهار حالة الطائر في حياته غير المستقرة.* الكرى: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة منع من ظهورها التعذر لأنه اسم مقصور.*********************************
الفكرة الثالثة: الطلب من طائر الكروان الانطلاق في الحياة بالهتاف والغناء. "الأبيات 9-11 "
* غاية الحياة التي حددها العقاد لطائر الكروان هي : الانطلاق في الحياة بالهتاف والغناء. 9- طِر في الظلام بمهجةٍ لو صافحتْ حَجرَ الوِهادِ لَهَمَّ بالطِّيران
*معاني المفردات: الوهاد : جمع وهده ، وهي الأرض المنخفضة. * مهجة: روح
شرح البيت: يطلب الشاعر من طير الكروان، الانطلاق في الحياة بالهتاف والغناء، لأنهما غاية الحياة التي لو لامست الحجارة لبعثت الحياة بها ، وجعلتها تطير .
*الصورة الفنية: "استعارة مكنية"، شبه المهجة بصورة إنسان له يد تصافح الحجارة، وحذف المشبه به ، وأبقى شيئا من لوازمه "يد" على سبيل الاستعارة المكنية، بجامع القوة الكامنة في كل منهما، كما شبه الحجر في الأرض المنخفضة